ما لا تستطيع التعبير عنه بالكلام والكتابة والرسم، عبّر عنه بالرقص فهو الأبرع في إيصال الفكرة والشعور.
الرقص خرج من المعبد:
ارتبط الرقص في عصورٍ غابرة ومعاصرة بطقوس دينية. فقد كان - في الحضارة السومرية والفرعونية والإغريقية وجلّ الحضارات تقريباً في الشرق والغرب - طقساً للتقرب من الآلهة وامتدت بعض مظاهر هذه الطقوس حتى الآن. فمثلاً كشف السرّة ورفعها أثناء الرقص الشرقي له امتداد طقسي فرعوني وكأنها تطلب المباركة من الآلهة لخصوبتها التي ترمز لها السرّة.
والمتصوفة المسلمون أيضاً لم يخرجوا عن هذا الإطار. فالرقص بالنسبة لهم يمثل قيمة عقلية وروحية شعورية وجسدية. والرقص باعتباره تجسيداً لالتحام الروح بالجسد في هيئة جمالية بديعة تحلّق بالنفس وتسمو بها للوصول إلى نشوة روحية يتمثل في التحرر والتجرّد من الأحجبة بين الإنسان والروحي المطلق.
رقصة الدراويش، الصوفية، التي تمتاز بحركات دورانية سريعة |
الرقص كتعبير عن الرغبة:
مثلما يسمو بك الرقص روحياً يسمو بك حسّياً. إذ أن الرقص يتّخذ في أحايين كثيرة تعبيراً للرغبة الحسّية. وهو أيضاً طريقاً لتحرر الجسد من الكبت والقمع والحصار ويكسبه ثقةً وجرأة. فالرقصات الثنائية مثلاً تتّسم بالحميمية بين الطرفين فهي مليئة بالحياة والحيوية والكثير من الحب والغزل والمداعبة إذا ما أخذتهم الرغبة بعيداً. وهي بجانب ذلك تؤكد على التحام الطرفين روحياً وتهيم بهم في عوالم أخرى تفسرها ملامح الطرفين ونظراتهم المتعاقبة لبعضهم.
والوصول لهذه اللحظة هو انفكاكٌ تام عن كل أشكال الخجل والاضطراب والقلق والقمع والكبت وانعدام الثقة. وبها تسمو الأرواح بالأجساد وعليها تزداد اللهفة والرغبة. كما تؤكد دراسات نفسية أن الممارسة الجنسية التي يسبقها الرقص تكون جريئة ونسبة الإنجذاب والنشوة فيها عالية مقارنة بغيرها من الممارسات. فبالرقص نفسه يتحرر الجسد ويتعالى ويؤكد التحامه مع الشريك. كما عبّر عنها الشاعر نزار قباني ضمن مائة رسالة حب بقوله:
رقصة التانجو الأرجنتينية المثيرة |
الرقص كحالة أنثوية:
الرقصات الفردية عادةً ما تميل إلى إبراز أكثر الأمكنة في جسد الإنسان إغراءاً وإثارة. وكما كتب أحدهم (رآها ترقص فوقع في جحيمها) أي في حبّها. فالرقص عامل جذب للحب والجنس. فالمرأة الجميلة هي جميلة وفاتنة بشدّة أثناء الرقص. أو يمكن القول أن كل امرأة ترقص هي بالضرورة فاتنة وجميلة. وهذا النوع من الجمال يكون أكثر فاعلية حين يعبّر عنه الرقص بوصفه تفاعل إيقاعي للجسد الإنثوي. والرقص الشرقي رقصٌ صمم لجسد الأنثى، وهو يمتاز بحسّية مفرطة تحفل المرأة به أنوثتها وتتعالى به في كل هزّة خصر وتعالي نهدين في مزجٍ إيقاعي تتناغم فيه الموسيقى مع الجسد الإنثوي لتتشكل حالة جمالية حسّية مفرطة.
التعليقات